العالم الإسلامي

 

 

مسيرة الملك عبد الله .. دعامات صلبة

 

 

 

 

 

     بايعت الأسرة المالكة يوم الإثنين 26/6/1426هـ الموافق 1/أغسطس 2005م صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ملكاً على البلاد وفق المادة الخامسة من النظام الأساسي للحكم .

     إنه سليل أسرة عربية أصيلة، كان ولا يزال لها في شبه الجزيرة العربية مكانها المؤثر من التاريخ الذي أهلها لأن يكون لها دور فعال ومؤثر على الساحة العربية والإسلامية والعالمية.

     عاش – حفظه الله – في كنف والده مؤسس الدولة السعودية الثالثة الملك العظيم عبد العزيز آل سعود. فعلقت في ذهنه آنذاك أحداث تلك المرحلة التاريخية، وهي مرحلة كانت مشحونة بالصراعات القبلية والفكرية في شبه الجزيرة العربية، إلى جانب التطورات السياسية في الوطن العربي وفي العالم أجمع إبان الحربين العالميتين.

     في تلك المرحلة أدرك ما خلفته التطورات السياسية من متغيرات فكرية في عقل الإنسان العربي، وما أوجدته من تقسيمات جغرافية للوطن العربي والإسلامي، فبقيت تلك الدروس في ذاكرته عالقة في الذهن وهي ما يراها اليوم إحساسًا عميقًا بالواجب لفهم الأحداث ومحاورتها من أجل رأب الصدع.

نشأته

     ولد الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود في مدينة الرياض سنة (1343هـ) الموافق (1924م)، في عصر كل ما فيه يفرض على الإنسان الصبر والاحتمال، وكان من نتيجة ذلك أن كان للانضباط الديني والنفسي والأخلاقي دوره في تكوين شخصيته حضورًا وتأثيرًا وتفاعلاً، كوّن في مجموعه رؤية ثاقبة تفرض قناعاتها بالمنطق والعقل سلوكاً وتعاملاً، قولاً وفعلاً هي ما معه اليوم. ويتعامل بها في حياته.

صفاته

     يميل – حفظه الله – طبعًا لا تطبعًا إلى البساطة في العيش، فهو يرى نفسه دائمًا بين البسطاء من الناس، لا يعرف الكبر أو التعالي إلى قلبه طريقًا، طاهر النفس ومتسامع مع مكارم الأخلاق، ويتعامل مع الآخرين بكل رحابة صدر، ويُنصت لمحدثه بكل هدوء فيوحي له بالاطمئنان، إن تحدث أوجز، وإن قال فعل، قوامة سلوكه إحقاق الحق، ومناجزة الباطل.

     هذه الخصائص الذاتية، أهلته لأن يتحمل الدور الكبير الذي يقوم به.

     والده هو الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، موحد ومؤسس الدولة السعودية الثالثة، أما خؤولته، فمن رؤساء عشائر شمر، فجده لوالدته هو العاصي بن كُليب بن حمدان بن شريم، فارس نجيب من فرسان العرب، وأحد شيوخ عبده من قبائل شمر، وكذلك كان خاله مطني بن العاصي بن شريم.

تعليمه وثقافته

     مُعلمه الأول هو الملك عبد العزيز الذي أثر فيه تأثيرًا واضحًا جليًا، وأفاد الملك عبد الله من مدرسة والده وتجاريه في مجالات الحكم والسياسة والإدارة والقيادة.

     تلقى تعليمــه ملازمًا لكبار العلماء والمفكرين الذين عملوا على تنمية قدراته بالتوجيــه والتعليم أيام صغــره، لذلك فهــو حـريص دائمًا على التقــاء العلماء والمفكــرين وأهل الحل والعقد سواء من داخل المملكة أو خارجها.

     الدعامة الثانية هي ثقافته التي استمدها من قراءاته المختلفة في كل المجالات. فهو – حفظه الله – لا يستوحش الكتاب وإن كان على خلاف معه، تقرؤه ليعي خطأه أو ليدرك صوابه.

     إنه يرى في القراءة وحسن اختيار الكتاب طريقًا إلى فهم ثقافة العصر، ونظرياته وأفكاره وعلومه التي لا تنتهي. أنه يتعامل معها – أي القراءة – كرياضة روحية عقلية، لذلك فقد أعطاها من نفسه ووقته الكثير، وأولى المثقف والكتاب اهتمامه البالغ، فكان من نتاج ذلك أن أسس مكتبة الملك عبد العزيز العامة في الرياض، كما أسس شقيقتها الأخرى في الدار البيضاء في دولة المغرب الشقيق.

     وكان من اهتماماته الثقافية أن أنشأ في (2/7/1405هـ) المهرجان الوطني للتراث والثقافة الذي يُقام سنويًا في الجنادرية ويستقطب العلماء والأدباء والشعراء والمفكرين من العالم أجمع، الأمر الذي قدم لأرباب العلم والثقافة في المملكة العربية السعودية أو خارجها فرص التعارف واللقاء وفق حوار فكري في كل العلوم والثقافات وآدابها.

هواياته

     أولى هواياته – حفظه الله – القراءة وحب الاطلاع ولعل خير معبر على ذلك قوله: (لا يغنيك كتاب قرأته في المساء عن كتاب تقرأه في الصباح، فالثقافة المعاصرة مسرعة إلى الإنسان بكل ما عندها وهو شيء يتجدد ولا ينفد فمن لا يقرأ العالم المعاصر ويُصغي إليه سيجد نفسه معزولاً في عالم مهمل).

     هوايته الثانية مصدرها حبه للصحراء التي يخرج إليها كلما وجد هناك متسعًا من الوقت.

     أما هوايته الثالثة فهي الفروسية من خلال ما تحققه من إحياء للتراث العربي الأصيل لذلك فأكثر الخيل أصالة في أعراقها نزيلة الفارس المتميز في نفسه، جمعها ولا زال يجمعها ويحتفظ بها وحين خشي أن تندثر هذه الرياضة وتفقد الخيل أصالتها وخصائصها العربية أسس نادى الفروسية في مدينة الرياض، وشجع الآخرين على المحافظة على هذه الرياضة الأصيلة التي لازمت بناء الدولة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها.

أهم أعماله ومسؤولياته

     - في سنة (1383هـ) الموافق( 1962م) تسلم – حفظه الله – رئاسة الحرس الوطني الذي كان يضم في مطلع تكوينه – آنذاك – أبناء الرجال الذين عملوا وساهموا مع قائدهم الملك عبد العزيز في توحيد وبناء المملكة العربية السعودية، وكان لتحمله مسؤولية هذه المؤسسة العسكرية دورها الفعال في تطويرها وتحديثها.

     - في سنة (1395هـ) الموافق (1975م) أصبح نائبًا ثانيًا لرئيس مجلس الوزراء ورئيسًا للحرس الوطني.

     - في يوم الأحد (21/8/1402هـ) الموافق (13/يونيو/1982م) بويع وليًا للعهد من قبل أفراد الأسرة المالكة والعلماء ووجهاء البلاد وعامة الشعب السعودي. وفي مساء ذات اليوم صدر أمر ملكي بتعيينه نائبًا لرئيس مجلس الوزراء ورئيسًا للحرس الوطني بالإضافة إلى ولاية العهد.

     - في يوم (26/6/1426هـ) بويع ملكاً للمملكة العربية السعودية.

مساهمته على المستوى العربي والإسلامي والعالمي

     عرف – حفظه الله – باهتمامه البالغ بشؤون العرب والمسلمين تجسد ذلك في حرصه الشديد على جمع كلمتهم على الحق ووحدة الهدف والمصير. فهو رجل يؤمن بأن الإسلام هو الرابط القوي والدعامة الصلبة لوحدة الأمة العربية والإسلامية.

     ولأجل تحقيق ذلك الهدف قام بكثير من المحاولات لاحتواء الخلافات وتقريب وجهات النظر، فلم يترك دولة عربية إلا وزارها. وكذلك فعل مع بعض الدول الإسلامية التي عمل ما في وسعه لتقديم المساعدات الممكنة لها.

     كما قام بالعديد من الزيارات لكثير من الدول الصديقة في العالم كالولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا، وإسبانيا، وإيطاليا، وغيرها من الدول الآسيوية والأفريقية ولقد عمل على تحسين علاقة بلاده مع جميع الدول الصديقة. كما قام برئاسة وفد المملكة في بعض مؤتمرات القمة، وفي العديد من المؤتمرات الدولية والإقليمية.

*  *  *

الملك عبد الله للمواطنين بعد تولية زمام الملك

أعينوني على حمل الأمانة ولا تبخلوا عليّ بالنصح والدعاء

     الرياض- واس :

     وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله – كلمة للمواطنين والمواطنات، فيما يلي نصها: بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أيها الإخوة والأبناء المواطنون والمواطنات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

     اقتضت إرادة الله (عز وجل) أن يختار إلى جواره أخي العزيز وصديق عمري خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جناته بعد حياة حافلة بالأعمال التي قضاها في طاعة الله (عزوجل) وفي خدمة وطنه وفي الدفاع عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية.

     في هذه الساعة الحزينة نبتهل إلى الله (عز وجل) أن يجزي الراحل الكبير خير الجزاء عما قدمه لدينه ثم لوطنه وأمته وأن يجعل كل ذلك في موازينه وأن يمن علينا وعلى العرب والمسلمين بالصبر والأجْر.

     أيها الإخوة ! إنني إذ أتولى المسؤولية بعد الراحل العزيز وأشعر أن الحمل ثقيل وأن الأمانة عظيمة أستمد العون من الله (عز وجل) وأسأل الله سبحانه أن يمنحنيّ القوة على مواصلة السير في النهج الذي سنه مؤسس المملكة العربية السعودية العظيم جلالة الملك عبد العزيز آل سعود (طيب الله ثراه) واتبعه من بعده أبناؤه الكرام (رحمهم الله) وأعاهد الله ثم أعاهدكم أن أتخذ القرآن دستورًا والإسلام منهجًا وأن يكون شغلي الشاغل إحقاق الحق وإرساء العدل وخدمة المواطنين كافة بلا تفرقة ثم أتوجه إليكم طالبًا منكم أن تشدوا أزري وأن تعينوني على حمل الأمانة وألا تبخلوا علي بالنصح والدعاء..

     والله أسأل أن يحفظ لهذه البلاد أمنها وأمانها ويحميها ويحمي أهلها من كل مكروه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

*  *  *

خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله

يرأس أول جلسة لمجلس الوزراء بعد وفاة أخيه الملك فهد رحمه الله

     الرياض – واس :

     رأس خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله – الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء أمس الاثنين الثالث من شهر رجب لعام 1426هـ بقصر اليمامة في مدينة الرياض.

     وفي بدء الجلسة أعرب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عن ألمه والشعب السعودي وأمة الإسلام لوفاة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – الذي اختاره الله لينتقل من دار الفناء إلى دار البقاء وتوجه إلى الله عز وجل أن يتغمد الراحل الكبير بواسع رحمته ومغفرته ويسكنه فسيح جناته ويجزيه خير الجزاء على مآثره وما وفق اليه من توسعة الحرمين الشريفين وإعمار بيوت الله ونشر كتابه الكريم وجهوده المباركة في خدمة الإسلام وإعلاء كلمة المسلمين وعلى دوره البارز – رحمه الله – في نصرة قضايا الحق والعدل أقليميًا وعربيًا ودوليًا.

     وقال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز «لقد فقدنا والعالم بأسره قائدًا فذًا وزعيمًا نذر حياته لتحقيق الازدهار الشامل لبلاده والرخاء الدائم لشعبه وإحقاق الحق ونصرة وإعانة المظلوم والإسهام الفاعل الشجاع في توطيد السلام والأمن والاستقرار في أنحاء العالم».

     وأكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أن المملكة العربية السعودية لن تحيد بعون الله عن السير في النهج الذي سنه جلالة الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – وسار عليه من بعده أبناؤه الملوك البررة – رحمهم الله – متمسكة بشرع الله الحنيف والسنة النبوية المطهرة مدركة مسؤولياتها الجسام باعتبارها مهبط الوحي ومنطلق الرسالة ومعهد العروبة وأحد أبرز الدول المؤثرة على مختلف الصعد.

     وأوضح معالي وزير الثقافة والإعلام الأستاذ أياد بن أمين مدني في بيانه لوكالة الأنباء السعودية عقب الجلسة أن الملك المفدى شدد على أن توجهات وسياسات المملكة على الساحات العربية والإسلامية والدولية نهج متواصل مستمر.

     وقال «نحن عازمون على مواصلة العمل الجاد الدؤوب من أجل خدمة الإسلام وتحقيق كل الخير لشعبنا النبيل ودعم القضايا العربية والإسلامية وترسيخ الأمن والسلم الدوليين والنمو الاقتصادي العالمي.. وندعو المولى العلي القدير أن يعيننا على تحمل المسؤولية وأداء الأمانة كما يحب ويرضى».

     وأعرب خادم الحرمين الشريفين عن بالغ شكره وعميق تقديره لقادة وزعماء ووفود الدول العربية والإسلامية والصديقة على مشاعرهم الصادقة ووقوفهم إلى جانب المملكة في هذا المصاب الجلل وجميل عزائهم ومواساتهم الأمر الذي جسد بعضًا مما تكنه قلوبهم نحو المملكة وقيادتها وشعبها.

     ونوه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بنبل وأصالة وعراقة الشعب السعودي الذي طالما توحدت كلمته والتف حول قيادته وأكد التلاحم الأصيل في أصدق صوره ومعانيه خاصة عند الصعاب والملمات.

     مشددًا على أن شعبًا بهذه السجايا النبيلة حقيق بأن يحظى بكل تقدير واحترام والعمل والسهر من أجل رعاية مصالحة وتحقيق كل ما يصبو إليه من تقدم وازدهار ورخاء وغد واعد بإذن الله.

     وأضاف معالي وزير الثقافة والإعلام أن أعضاء مجلس الوزراء توقفوا مليًا عند الكلمتين االضافيتين اللتين وجههما خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز يوم الأربعاء الماضي (يوم البيعة) وما جاء في الكلمتين من مضامين بالغة الأهمية.. وتقدموا بأحر وأصدق التعازي لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد والاسرة الكريمة والشعب السعودي والأمة جمعاء في فقيد الأمة العظيم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز – رحمه الله وغفر له –.

     وتابع معالي وزير الثقافة والإعلام أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – حفظه الله – أبلغ المجلس بأمره بالعفو عن الليبيين الموقوفين الذين أثبتت الأدلة تورطهم في مؤامرة النيل من استقرار المملكة وأمنها وذلك انطلاقًا من مبادئ المملكة العربية السعودية السامية التي تقوم على لم الشمل ورأب الصدع والعفو عند المقدرة والترفع عن الإساءات الموجهة إليها.

     وأكد – حفظه الله – أن المأمول أن تكون هذه البادرة خطوة بناءة نحو جمع كلمة الأمة العربية وتوحيد صفها.

     وأنهى الوزير اياد بن أمين مدني بيانه مفيدًا أن المجلس واصل بعد ذلك استعراض جدول الأعمال وكان مما أصدره من قرارات مايلي:

     أولاً : قرر مجلس الوزراء بناء على مارفعه صاحب السمو الملكي وزير الداخلية الموافقة على إضافة مادتين جديدتين إلى نظام مكافحة التزوير الصادر بالمرسوم الملكي رقم 114 وتاريخ 26/11/1380هـ وذلك وفق النصين الآتيين..

     1- المادة الثالثة عشرة:

     كل من زور بطاقة وفاء أو سحب مما تصدره البنوك أو المؤسسات المالية المرخصة بأن اصطنعها أو قلدها أو غير بياناتها أو غير في الصورة التي عليها أو استبدل فيها صورة شخص بآخر أو اشترك في ذلك بطريق التحريض أو الاتفاق أو المساعدة أو استعمل البطاقة المزورة مع عمله بذلك في الغرض الذي أعدت من أجله بالاحتجاج بها لدى الغير أو استخدامها اليا ولو لم يتحقق الغرض من الاستخدام يعاقب بالسجن مدة لاتزيد على عشر سنوات أو بغرامة لاتزيد على خمسين ألف ريال أو بهما معًا.

     2- المادة الرابعة عشرة ..

     أ – تعد صورة المحررات التي تبدو أنها أصل بذاتها محررات أصلية في تطبيق أحكام هذا النظام .

     ب – كل من زور الصورة الضوئية أو المستندات المعالجة اليا أو البيانات المخزنة في ذاكرة الحاسب الآلي أو على شريط أو أسطوانة ممغنطة أو غيرها من وسائط أو استعملها وهو عالم بتزويرها يعاقب بالعقوبات الواردة في هذا النظام.

     وقد أعد مرسوم ملكي بذلك.

     ثانيًا: قرر مجلس الوزراء بناء على ما رفعه صاحب السمو الملكي وزير الخارجية الموافقة على مذكرة تفاهم في شأن المشاورات الثنائية السياسية بين وزارة الخارجية في المملكة العربية السعودية ووزارة الخارجية في جمهورية الصين الشعبية الموقع عليها بتاريخ 22/ رجب 1425هـ الموافق 7/سبتمبر 2004م وذلك بالصيغة المرافقة.

     وقد أعد مرسوم ملكي بذلك.

     ومن أبرز ملامح المذكرة ما يلي:

     1- يجري الطرفان المباحثات والمشاورات الثنائية المنتظمة الخاصة بأوجه العلاقات بينهما وتبادل وجهات النظر إزاء القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

     2- يعمل الطرفان على تنسيق مواقفهما حيال الموضوعات المطروحة للبحث في المؤتمرات الدولية الدورية والطارئة وذلك عن طريق إجراء المشاورات الخاصة في هذا الشأن اتفاقًا بين الطرفين.

     ثالثًا : وافق مجلس الوزراء على طلب معالي وزير العدل تفويضه أو من ينيبه بالتباحث مع الجانب التركي في شأن مشروع اتفاقية تعاون في المجال القضائي بين حكومة المملكة العربية السعودية وحكومة الجمهورية التركية وذلك في ضوء الصيغة المرفقة بالقرار والتوقيع عليه ومن ثم رفع النسخة النهائية الموقعة لاستكمال الإجراءات النظامية.

     رابعًا : وافق مجلس الوزراء على طلب معالي وزير النقل ورئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للخطوط الحديدية تجديد عضوية رجلي الأعمال عبد الهادي بن علي شايف وخالد بن محمد البواردي في مجلس إدارة المؤسسة العامة للخطوط الحديدية لمدة ثلاث سنوات اعتبارًا من 22/3/1426هـ.

     خامسًا: وافق مجلس الوزراء على طلب معالي وزير المالية رئيس مجلس إدارة الصندوق السعودي للتنمية اعتماد الحساب الختامي للصندوق للعام المالي 1423/1424هـ.

     سادسًا: وافق مجلس الوزراء على تعيينات بالمرتبة الرابعة عشرة وذلك على النحو التالي:

     1- تعيين المهندس عبد العزيز بن خالد بن ماطر الشيباني على وظيفة (مدير عام الخزن الاستراتيجي) بالمرتبة الرابعة عشرة بوزارة الدفاع والطيران.

     2- تعيين سمو الأمير محمد بن سعد بن خالد آل سعود على وظيفة (وكيل مساعد) بالمرتبة الرابعة عشرة بوزارة الداخلية.

     3- تعيين عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الخربوش على وظيفة (وكيل الإمارة المساعد للشؤون الأمنية) بالمرتبة الرابعة عشرة بإمارة منطقة الباحة بوزارة الداخلية.

     4- تعيين مهدي بن إبراهيم بن محمد الراقدي على وظيفة (مدير عام الإعلام التربوي) بالمرتبة الرابعة عشرة بوزارة التربية والتعليم.

*  *  *

الملك عبد الله توجهات تنموية ومواقف رائدة

     لقد حققت المملكة قفزات سريعة. ونهضة حضارية شاملة خلال خطط التنمية الست الماضية، وشرعت المملكة في تنفيذ خطتها السابعة منذ مطلع عام 1421هـ = 2000م، وتعد الخطة السابعة للتنمية (1420-1425هـ) (2000-2005م) امتدادًا للأهداف بعيدة المدى للمسيرة التنموية في المملكة تلك الخطة التي تلمسها الملك عبد الله عن قرب والتي عكست توجهاته التنموية فضلاً عن مواقفه الرائدة في الحقل العربي والإسلامي، وتتضمن الأهداف العامة للخطة ما يلي:

     1- المحافظة على القيم الإسلامية وتطبيق شريعة الله والعمل على ترسيخها ونشرها.

     2- الدفاع عن الدين والوطن والمحافظة على الأمن والاستقرار الاجتماعي للبلاد، وتعزيز قيم الانتماء والولاء الوطني.

     3- توفير الروافد التي تجعل المواطن عاملاً منتجًا وقادرًا على العطاء والتوسع في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين في قطاعات التعليم والصحة والخدمات مع التنوع في وسائل تمويلها وإدارتها.

     4- تنمية القوى البشرية والتأكد المستمر من زيادة مشاركتها ورفع كفاءتها لتلبية متطلبات الاقتصاد الوطني وإحلال القوى العاملة السعودية الملائمة محل القوى العاملة غير السعودية.

     5- تحقيق النمو المتوازن بين مناطق المملكة المختلفة وزيادة إسهامها في التنمية الوطنية.

     6- زيادة إسهام القطاع الخاص في عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

     7- تخفيف الاعتماد على إنتاج وتصدير النفط الخام كمصدر رئيسي للدخل الوطني والعمل على زيادة القيمة المضافة للمنتج من النفط الخام قبل تصديره.

     8- الاستمرار في إحداث تغيير حقيقي في البنية الاقتصادية للبلاد بالتحول المستمر نحو تنويع القاعدة الإنتاجية بالتركيز – بصة خاصة – على الصناعة والزراعة .

     9- تنمية الثروات المعدنية وتشجيع استكشافها واستثمارها.

     10- تطوير الخدمات المقدمة للحجاج والمعتمرين بما يكفل أداء الشعائر بيسر وسهولة، ويسهم في تعزيز النشاط الاقتصادي.

     11- إكمال التجهيزات الأساسية اللازمة لتحقيق التنمية الشاملة، والمحافظة عليها وتطوير أدائها وأساليب تمويلها.

     12- دفع الحركة الثقافية والإعلامية إلى المستوى الذي يجعلها تساير التطور الذي تعيشه المملكة.

     13- تعزيز التكامل الاقتصادي والاجتماعي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتقوية علاقة المملكة بالدول العربية والإسلامية والدول الصديقة بما يحقق المصالح المشتركة.

     14- الاهتمام بالعلوم والتقنية والمعلوماتية وتشجيع البحث والتطوير وتوطين التقنية.

     15- الاستمرار في حماية البيئة من التلوث وتطوير أنظمتها والاهتمام بحماية الموارد الطبيعية والحياة الفطرية وصيانتها.

بناء الانسان

     كما أن اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بأمر التعليم والثقافة لا تحده حدود فهو شديد الحرص على أن تقوم المؤسسات التعليمية بواجها على أكمل وجه خدمة للمواطن وبناء الإنسان السعودي ليقوم بأعباء التنمية والنهضة، كما قام بوضح حجر الأساس للمدينة الجامعية لجامعة الملك خالد بمنطقة عسير في 2/محرم 1419هـ = 28/أبريل 1998م لتكون الجامعة الثامنة بالمملكة، وقد آثر تسمية الجامعة باسم الملك خالد بدلاً من اسمه (جامعة الأمير عبد الله) التي صدر بها قرار ملكي من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد – يرحمه الله – وذلك يدل على أصالة معدن ونكرانه للذات، وتقديره لمواقف من سبقوه من قيادات المملكة ورجالها المخلصين الأوفياء.

جلالته ووحدة الصف العربي

     على صعيد وحدة الصف العربي فالملك عبد الله بن عبد العزيز له جهوده الحثيثة، التي تؤكد حرص المملكة على إرساء أسس متينة للتضامن العربي، والوصول إلى رؤية مشتركة في حل الخلافات ومواجهة التحديات التي تواجه الأمة العربية.

     والملك عبد الله بن عبد العزيز من المؤمنين إيمانًا قاطعًا بأن الخلافات العربية إلى زوال، وأن جميع الخلافات العربية هي خلافات هامشية، حيث لا توجد هناك قضية رئيسية واحدة يختلف عليها القادة العرب، فتلك الخلافات هي في جوهرها اختلاف في الأمزجة، وليست بالخلاف على هدف أو نهج، وأن الركب مهما تعثر أو تعطل فإنه لن يخرج عن الجادة، ولن ينحرف عن الهدف.

     وأن المملكة العربية السعودية عندما اتخدت من التضامن محورًا لسياستها العربية والإسلامية لم تكن تنطلق من فراغ، فشعوب الأمة العربية والإسلامية ليست متضامنة فقط، بل إن هناك قبل ذلك حسًا جماعيًا يوحد بين تطلعات أبنائها وطموحاتهم.

     فالمملكة عملت بالأمس بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد – يرحمه الله – وتعمل اليوم بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على تقريب وجهات النظر بين قادة العرب، بغية جعل التضامن الوسيلة لتأكيد وجودنا بوحدة الإرادة والفعل.

     وإيمان السعودية بالوحدة والتضامن لا يتوقف عند حد، فهي وسيط على الدوام في كل خلاف ينشب بين قطرين عربيين أو أي قطر إسلامي أخر. فالقيادة السعودية تتزع إلى الوحدة والتضامن، وترفض كل خلاف ينشب بين دولتين عربتين أو مسلمتين أو دولة عربية وأخرى مسلمة.

     ويرى الملك عبد الله أن حلول مشكلات العالم العربي ينبغي أن تبدأ بالانفتاح والحضور والحوار. والمشاركة والتمازج والالتزام بالمبدأ، والالتزام بالقضية، وألا يسمح بأن يكون العقل أداة ضيقة بيد الأهواء.

مجلس التعاون الخليجي

     أما على صعيد دول مجلس التعاون الخليجي فإن المملكة تعتز بانتمائها إلى مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي جاء إنشاؤه تمشيًا وانسجامًا مع مواثيق جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وقراراتها، وكذلك تمشيًا مع مبادئ حركة عدم الانحياز وميثاق الأمم المتحدة وإن عضوية المملكة في هذا المجلس ليست مجرد ارتباط سياسي أو علاقة عابرة، وإنما واقع مصيري يعكس آمالاً وتطلعات مشتركة نحو مستقبل يسوده الاستقرار والرخاء والتقدم، فقد قام المجلس بأدوار فعالة وبناءة ترمي إلى تحقيق التعاون السياسي والاقتصادي والأمني بين الدول الأعضاء فيه، وقد أثبت مجلس التعاون لدول الخليج العربية أنه عامل إيجابي من عوامل الاستقرار في المنطقة وإبعاد التدخل الأجنبي عنها. ولا سيما في القضايا التي تعتبر من صميم اختصاص دول الخليج وحدها فضلاً عن تدعيم وحدة هذه البلدان والانطلاق منها نحو الوحدة العربية الشاملة.

     هذه الأبعاد جعلت مشاركة المملكة في مؤتمرات القمة لدول المجلس مؤثرة وفاعلة لتحقيق مزيد من التعاون والتكامل بين دول المجلس، فهي تضطلع بمهمة حل مختلف جوانب الخلافات بين دول مجلس التعاون، وتسعى لدفع جهود المجلس لتحقيق أهدافه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وصولاً للوحدة الكاملة.

     وكانت دعوة الملك عبد الله دائمًا صريحة لمواجهة التطورات والمستجدات المستقبلية التي تواجه دول المجلس. وضرورة إقامة سوق خليجية مشتركة لا تعرف أي نوع من أنواع العوائق، كمطلب ملح لشعوب المنطقة وضرورة من ضرورات الانتقال إلى اقتصاد ناضج، قادر على المنافسة في كافة الأسواق العالمية.

في قمة داكار: على الأمة أن تكون مقدمة المسيرة وتتفاعل مع الأحداث

     عُرفت المملكة العربية السعودية دولة إسلامية دستورًا وقانونًا، وهي تطمح إلى تطوير التضامن بين المسلمين إلى اتحاد ووحدة، فالإسلام دين توحيد ووحدة، فهو يذيب القوميات، ويصهر المسلمين كافة في أمة واحدة.

     فالتضامن الذي تطرحه المملكة ليس محورًا للسياسة العربية، بل محور لسياستها الإسلامية، فأي نشاط تقوم به داخل مؤتمرات القمة أو خارجها، يهدف إلى العمل على تعزيز التضامن الإسلامي، كمرحلة من مراحل تحقيق وحدة المسلمين، صفا، وهدفًا، وكيانًا.

     وقد جاءت قمة داكار (العاصمة السنغالية)، والتي عقدت في جمادى الآخر 1412هـ، بمشاركة (46) من رؤساء دول وحكومات إسلامية، والتي ترأس فيها وفد المملكة الملك عبد الله بن عبد العزيز، كمحاولة لتوحيد صفوف العالم الإسلامي ومواجهة الأخطار التي تحدق بالأمة.

     وبعد تحرير الكويت، وإنطلاق مؤتمر السلام في مدريد، وتفكك الاتحاد السوفيتي، وبروز التكتلات الاقتصادية الكبرى في أوروبا، وآسيا، وأمريكا الشمالية، فكان لابد للعالم الإسلامي من ترتيب أوضاعه، والنظر في القضايا والتحديات التي تواجهه، فجاءت القمة بعد تحولات وأحداث كبرى سواء على الصعيد الإسلامي أو الدولي.

     وفيها طرح الملك عبد الله بن عبد العزيز رؤية المملكة تجاه قضايا الأمة الإسلامية في تلك القمة وأسهم بدور فعال في إنجاح الأهداف والغايات التي أسفر عنها المؤتمر، وفق ما تضمنه إعلان داكار.

     وحث جلالته الأمة الإسلامية بأن لا يكون دورها في ظل سلسلة الأحداث المتلاحقة التي يشهدها العالم، دور المتفرج والاكتفاء بمقاعد خلفية بعيدًا عن مسرح الوقائع والملاحم، فينبغي على الأمة أن تكون في مقدمة المسيرة، تقود التطورات ولا تنقاد لها، وتتفاعل مع الأحداث ولا تنفعل بها فقط، سلاحها في ذلك إيمان بالله لا يتزعزع، وثقة في نصره وتأييده، ومستلهمة قوله تعالى: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُه إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيْزٌ﴾.

     وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والقدس الشريف، التي أطلق اسمها على قمة داكار، أكد الملك عبد الله وقوف المملكة مع الشعب الفلسطيني قائلاً: «نحن في المملكة العربية السعودية نقف مع الأشقاء الفلسطينيين دائمًا، وقفة المبدأ الذي لا يساوم ولا يناور، منطلقين من ثوابت الأخوة الإسلامية، التي يحرص عليها الأحفاد حرص الأجداد.

     وعالج جلالته في كلمته أمام المؤتمر قضايا الأقليات المسلمة في العالم، مشددًا على أهمية أن تعيش تلك الأقليات في سلام دون أن تفتن في دينها، أو يحال بينها وبين ممارسة شعائرها، أو تسلب هويتها المتميزة.

     وأبرز رؤية المملكة في معالجة المشكلات الاقتصادية العالمية، التي لايمكن أن يتم حلها إلا على المستوى العالمي في إطار المسؤولية الدولية، وعبر القنوات الدولية المعنية بالإصلاحات الهيكلية، وعبر المزيد من الجهد التنموي الدولي المشترك، والتزام دولي بإعفاء ديونها على الدول الفقيرة.

*  *  *

الملك عبد الله ومسيرة العمل الخليجي المشترك

     حمل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز هموم الوطن العربي والعالم الإسلامي .. فلعب الملك عبد الله أدوارًا في تعزيز مسيرة التضامن وحل النزاعات بين الدول العربية فأضحت المملكة بسياسته الحكيمة قبلة الوئام والوفاق ورمز التفاؤل العربي لاحتضان الأشقاء، وبموقفه الحكيم وفق في الكثير بين الفرقاء.. وأذاب كل الخلافات سواء كانت على الصعيد الخليجي، أو الإقليمي، ولأن الملك عبد الله بن عبد العزيز يعتز بانتمائه الخليجي العربي حرص على أن تكون عضوية المملكة في مجلس التعاون ليست مجرد ارتباط سياسي أو علاقة عابرة، وإنما واقع مصيري يعكس آمال وتطلعات مشتركة نحو مستقبل يسوده الرخاء والتقدم.

     خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز اضطلع بمهام حل مختلف جوانب الخلافات بين دول المجلس .. وسعى لدفع جهود المجلس لتحقيق أهدافه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وصولاً للوحدة الكاملة فالملك وبحرصه على الحضور إلى القمم الخليجية إنما أراد إيجاد وحدة الصف والكلمة بين الخليجيين.. فرأى أن السبيل الوحيد لحل أي خلاف بين دول المجلس يكمن في التمتع بروح التسامح والتعقل وحصر كل خلاف في نطاقه المحدود.

     اليوم نحاول أن نقف أمام جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في دفع العمل الخليجي المشترك الذي دائمًا كان يدعو جلالته في أن تكون منظمة مجلس التعاون الخليجي منارة ليس لكل الخليجيين بل يستفيد منها أبناء العالمين الإسلامي والعربي.. فالملك حرص على تاريخ مسيرة المجلس.. مصممًا على مواصلة البناء والتشييد وترسيخ جذور هذا الكيان من أجل تحويل الآمال والتطلعات إلى واقع ملموس.

قمة مسقط

     القمة السادسة عشرة للقادة في مجلس التعاون طالبت الحكومة العراقية بتنفيذ قرارات مجلس الأمن 706 و 712و 946 والتي تمثل الآلية المناسبة والمتاحة لتخفيف المعاناة على الشعب العراقي.

     وأدان المجلس أعمال الإرهاب بكافة أنواعها وأشكالها الرامية إلى إشاعة الفوضى والخوف والتوتر وإزهاق أرواح الأبرياء.

     كلف المجلس الأعلى المجلس الوزاري المالي والاقتصادي بعقد اجتماع مشترك خلال النصف الأول من عام 1996، للاتفاق على مشروع لتوحيد التعرفة الجمركية لدول المجلس في إطار مراجعة شاملة.

     وقد حرص الملك عبد الله بن عبد العزيز في قمة مسقط لدعوته بالوحدة التي هي الهدف المنشود لدول الخليج.

قمة الدوحة

     القمة رقم (17) عقدت في قطر وسط تحديات مرت على منطقة الشرق الأوسط، فطرحت عدة مساريع أثناء اجتماعات القمة لتفعيل المجلس الخليجي وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز صاحب مبادرة في هذا الصدد حين دعا إلى عدم الانجرار وراء الخلافات البينية البسيطة والهدف يكون هو العمل المشترك.

     وناشد القادة التعامل بشفافية في المسائل الحساسة كي يتسنى للمجلس لعب دور أكبر في خدمة شعوب المنطقة.

قمة الكويت

     مثل المملكة العربية السعودية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز فشدد جلالته حينها على ضرورة تنفيذ العراق لجميع القرارات الدولية، كما رفض مطلقًا سياسة الحكومة الإسرائيلية.

     وكانت للملك عبد الله أكثر من اقتراحات تصب في مصلحة مجلس التعاون فأيد إنشاء هيئة استشارية ودعا في نفس الوقت إلى ربط الدول الست بشبكة اتصالات مؤمنة.

     وذهب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله إلى المطالبة باستكمال الإجراءات الهادفة لتحقيق قيام الاتحاد الجمركي.

     وكان لجلالته موقف صارم من الدول التي تؤدي العناصر الإرهابية المتطرفة تحت شعار حماية حقوق الإنسان.

     كما أعرب عن الأمل في تطوير العلاقات مع إيران.

قمة أبو ظبي

     كانت القمة التاسعة عشرة قد عقدت في الأراضي الإماراتية في ظروف صعبة مرت على دول مجلس التعاون على الصعيد السياسي وكذلك الأمني وخصوصًا الاقتصادي منه.. عقدت القمة في ظل تدني أسعار النفط إلى مستويات هي الأدنى منذ عقدين على الأقل.

     ولذلك كان لخادم الحرمين الشريفين نظرة إزاء ما يحدث من تدهور لأسعار أسواق النفط العالمية خصوصًا في ظل العجز في موارد الإنفاق.

     وفي هذه القمة قدم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله اقتراحات للخروج من الأزمة البترولية والتعامل مع العولمة ودعوته إلى انضمام دول المجلس إلى منظمة التجارة الدولية (الغات).

القمة العشرون..

     كان ولا يزال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يعمل على تعزيز وتهيئة قدرات وإمكانات الأجيال القادمة على أسس صحيحة وقوية لمواجهة التحديات بكل عزيمة لا تعرف اليأس وبإصرار الملك عبد الله أراد أن يكون مجلس التعاون الخليجي عنوان العطاء والتقدم والعيش الكريم.

     ففي الرياض ترأس الملك عبد الله أعمال القمة الـ20 لمجلس التعاون واقترح جلالته حينها على القادة مراجعة النظام الأساسي لمجلس التعاون المكون من 22 مادة وتعديله ليكون متوافقًا مع مرحلة دخول المجلس بروح جديدة إلى الألفية الثالثة والعبور إلى القرن 21 والتعامل مع التحديات بانفتاح ومرونة أكثر لمجابهة المراهنات والصعاب.

     وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من أكثر قادة دول المجلس تحمسًا لأهمية وضرورة إحداث نقلة نوعية في أسلوب أداء أجهزة المجلس وتطوير لوائحه وأنظمته.

قمة المنامة

     التأم اجتماع القادة الخليجيين في البحرين عند بداية الألفية الثالثة، وكان لابد لهذه القمة الخليجية التي استضافتها الحكومة البحرينية أن تواصل بمسيرة المجلس نحو الأمان بعد أن واجهت دول المنطقة حربين طاحنتين.

     ولا شك أن شعوب دول مجلس التعاون تتطلع إلى توجه تكاملي لمنظومته في الإطار الكونفدرالي.

     وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ركز على أولويات أمنية وعسكرية وسياسية استوجبتها الظروف في تلك المرحلة.

     وحمل جلالته هاجس في أن تواكب القمم الخليجية الألفية الجديدة بصفاء بالذهن، كما دعا الملك عبد الله إلى أن يمنح القادة أنفسهم فرصة للتفكير بعيدًا عن السياسة والترتيبات الأمنية، من أجل تفعيل دور المجلس في الحياة اليومية لمواطني دول المجلس وإقرار المزيد من القوانين والتشريعات التي تخدم وتحقق مصالح المواطن الخليجي.

     فدعا جلالته في قمة المنامة إلى بلورة استراتيجية لوضع تنمية شاملة بدول المجلس بمختلف جوانبها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.

     وشدد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله على أن تكون الدول الست في مجلس التعاون بقوتها العسكرية والرؤية المشتركة بين كافة الدول.

قمة المنامة التشاورية

     لأن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حمل الهم العربي والخليجي حرص على حضور القمم الخليجية الاعتيادية منها والتشاورية.. فذهب إلى المنامة ليترأس وفد المملكة فأكد على ضرورة دعم المسيرة الخليجية بما يلبي طموح وآمال شعوب المنطقة، كما دعا إلى الخروج بقرارات تمس مصلحة المواطن الخليجي حتى تصبح المنظومة الخليجية ذات مصداقية مع الشعوب والمواطنين.

قمة مسقط

     كانت القمة الخليجية الثانية والعشرون استثنائية في كل محطاتها.. فاعتمد المجلس الاتفاقية الاقتصادية بين دول المجلس لتحل محل الاتفاقية الاقتصادية الموحدة التي أقرها المجلس في نوفمبر 1981م.

     وكذلك اعتمد المجلس الخليجي نظام القانون الموحد للجمارك والعمل على إطلاق العملة الموحدة في موعد أقصاه الأول من يناير2010م.

     ووافق القادة على مشاركة الجمهورية اليمنية الشقيقة في عضوية بعض نشاطات المجلس.

     خادم الحــرمين الشريفــين الملك عبــد الله بن عبد العـزيز ألقى كلمة في الجلسة المغلقة تركزت على نقاط حيوية في مسيرة مجلس التعاون والأحداث التي يعيشها.. وتفاعلت الأوساط السياسية مع كلمة الملك عبد عبد الله، فوصف المراقبون الخطاب ببداية لمرحلة جديدة من الشفافية في مسيرة مجلس التعاون وأن المجلس في حاجة في الوقت الحاضر لهذه الشفافية حتى يخطو نحو أهدافه بثبات ويحقق تطلعات الشعب الخليجي الذي يراقبه عن قرب.

     وقد ألقى خطاب الملك عبد الله بن عبد العزيز على طلاله إيجابيًا على مسيرة العمل المشترك.

     وشدد خادم الحرمين الشريفين على قيام مشاريع اقتصادية مشتركة ذات منهجية موحدة مع قنوات عربية وإسلامية.

«القمة التشاورية بجدة»

     في منتصف عام 2002م وتحديدًا في مدينة جدة ترأس خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وفد المملكة في أعمال القمة التشاورية الرابعة ولأن المرحلة دقيقة للغاية أكد الملك عبد الله على المزيد من التنسيق والتشاور وذلك من أجل أن تبقى مسيرة مجلس التعاون ماضية لتحقيق آمال وتطلعات شعوب المنطقة، واعتبر خادم الحرمين الشريفين اللقاءات التشاورية فرصة للمراجعة المستديمة لمسيرة التعاون.

قمة الكويت

     شارك خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في القمة الرابعة والعشرين في الكويت وكان عازمًا على إعطاء دفعة للعمل الخليجي المشترك.

     فطالب الملك عبد الله في وثيقة قدمها إلى إصلاح المنظومة الخليجية، وأكد على أهمية اتخاذ القرارات والخطوات العملية للبدء بتنفيذ أهداف استراتيجية التنمية الشاملة، وإصلاح النظم التعليمية وتوحيدها في الدول الأعضاء وأن يكون ذلك في مقدمة المشروعات والبرامج الاستراتيجية من مجلس التعاون التي تعزز مسيرته.

     وأكد جلالته على أهمية الاستقرار السياسي والأمني في منطقة الخليج ويعتبر ذلك شرطاً استراتيجيًا لتحقيق التنمية المستدامة في جميع المجالات.

     كما لم يغفل خادم الحرمين الشريفين تفعيل آليات عمل مجلس التعاون ولجانه وهيئاته المختلفة وبما يحقق له الارتقاء بأدائه وسرعة تنفيذ قراراته وتوصياته.

     ودعا إلى إقرار اتفاقية مكافحة الإرهاب عبر التعاون المستمر بين الأجهزة الأمنية.

القمة التشاورية الخامسة

     شدد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في القمة التشاورية الخامسة والتي عقدت في الرياض يوم الأربعاء 22/مايو 2003م على عزم المملكة دعم مجلس التعاون بالمضي في تعزيز ودفع المسيرة الخليجية إلى آفاق أرحب.

     ودعا الولايات المتحدة وبريطانيا إلى تحمل مسؤولياتهما تجاه الوضع في العراق.

     وتطرق جلالته إلى المستجدات الإقليمية والعربية والدولية خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، والوضع في العراق، وآخر التطورات على الساحة اللبنانية.

القمة السابعة

     كانت الظروف الإقليمية تمر بمرحلة صعبة عندما انعقدت القمة التشاورية السابعة في مدينة الرياض.

     فحرص خادم الحرمين الشريفين على الإصلاح من الذات الوطنية والتأكيد على أهمية مكافحة ظاهرة الإرهاب بكافة الوسائل.

     وبحث مع القادة في مجلس التعاون الوضع في لبنان ودعوا إلى مناصرة الشعب الفلسطيني، وبذل الجهود السلمية في العراق حفاظاً على وحدة ترابه الوطني.

*  *  *

خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله و وحدة الصف العربي

     انطلاقًا من الإيمان الراسخ لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على وحدة الصف العربي واهتمامه بالقضايا في العالمين العربي والإسلامي.. ومواقفه المشهودة والثابتة على صعيد العلاقات العربية التي أسهم فيها الملك عبد الله في كافة المجالات سياسيًا وثقافيًا واقتصاديًا.. وناصر الحق.. وكان شريكاً فاعلاً في كل تلك القضايا.

     مناصرة خادم الحرمين الشريفين للقضايا العربية اتسمت بمصداقية تامة عبر مواقفه السياسية في المنابر والمحافل الدولية، حيث لم يأل جهدًا في تطوير العلاقات العربية وتحقيق التضامن العربي والعمل العربي المشترك، لمواجهة كل التحديات التي تواجه الأمة العربية.

     ولحرص خادم الحرمين الشريفين على دعم المسيرة العربية كان من أوائل الحاضرين في أعمال القمم والاتخاذ بمواقف جادة وصارمة لدعم مؤازة الأشقاء العرب.. اليوم نستعرض أهم القمم التي سجل فيها الملك عبد الله حضورًا بارزًا لإعطائه تصور حول مستقبل العالم العربي وما يواجه من تحديات.

قمة شرم الشيخ الطارئة

     في نهاية عام 2000م عقد العرب قمتهم غير العادية بالقاهرة في ظروف بالغة الأهمية في تاريخ الأمة مع تداعيات خطيرة تعطلت بسببها المسيرة السلمية بين العرب وإسرائيل.. بعد أن حولت عملية السلام إلى حرب ضد الشعب الفلسطيني مستخدمة القوة العسكرية لحصاره وعزله وجعله رهينة داخل الضفة الغربية وقطاع غزة.

     وفي ظل هذه الظروف المتناهية الصعوبة اقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إنشاء صندوقين واحد لدعم الانتفاضة الفلسطينية الباسلة والآخر لدعم القدس الشريف.

     واعتمدت بالفعل بالإجماع تلك المقترحات وذهب الملك عبد الله إلى أبعد من ذلك حينما قدم ورقة للقمة بالسماح في استيراد السلع الفلسطينية بدون قيود كمية أو نوعية تعفيها من الرسوم الجمركية وذلك من أجل الالتزام بالتصدي الحازم لمحاولات إسرائيل التخريبية ضد الشعب الفلسطيني.

     وأكد خادم الحرمين الشريفين في القمة الطارئة أن السلام يقوم على مفهومي الشمول والعدل باعتبارهما شرطين لازمين لقبوله واستمراره.

     ولأن الآلة الإسرائيلة تضرب الشعب الفلسطيني وتدمر قواه طالب الملك عبد الله من الأمم المتحدة تأمين حماية الشعب الفلسطيني وتشكيل محكمة دولية لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين.

     والملك عبد الله كان من المؤيدين لانعقاد دوري يلتزم فيه القادة بميثاق الجامعة العربية الذي ينص على آلية الانعقاد الدوري المنتظم للقمة مرة في السنة، كي يتسنى التباحث والتشاور في مصير الأمة عند الضرورة وبروز مستجدات تتعلق بسلامة الأمن القومي العربي والنظر في القضايا المتعلقة باستراتيجيات وتنسيق السياسات العليا للدول العربية تجاه القضايا ذات الأهمية الإقليمية والدولية.

قمة بيروت

     انعقدت القمة العربية في بيروت وسط تغيرات وتداعيات عالمية.. لا سيما أنها أتت بعد أحداث (11 سبتمبر) وتزداد أهميتها أن التحديات الماثلة في مخططات شارون تهدف القضاء على سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني.. وبدت الأمة العربية تواجه تحديات حتى ظن الكثير أنها أكبر من إمكانياتها.

     في ظل تلك الظروف طرح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أمام القمة مبادرة سلام مقترحًا أن تتقدم الجامعةالعربية بمشروع عربي جماعي إلى مجلس الأمن يقوم على أمرين أساسيين العلاقات الطبيعية والأمن لإسرائيل مقابل الانسحاب الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين.

     كان هناك إجماع حول تلك المبادرة من قبل القادة، فحددت مسودة البيان الختامى لمؤتمر القمة العربي في بيروت التزام العرب تحقيق السلام العادل والشامل استنادًا على الشرعية الدولية وقراراتها.

     وأفردت القمة فقرة خاصة لمبادرة الملك عبد الله للسلام، وحولتها إلى أطروحة ومسار سياسي لـ«22» دولة، حيث تجنب بذلك الفلسطينيين من أخطار السقوط والاستسلام خصوصًا الرئيس ياسر عرفات.

     ومن هنا اكتسبت هذه الرؤية بعدًا إقليميًا شاملاً كأن أمن إسرائيل أصبح مسؤولية جماعية شرط تنفيذ مبدأ الأرض مقابل السلام.

     يقول المراقبون أن مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز أسست لإحياء كافة المبادرات التي طرحت والتي رفضها شارون.

     ولما كانت المبادرة في حد ذاتها تمثل رغبة عربية جادة في سلام حقيقي تنعم خلاله كل دول منطقة الشرق الأوسط بالسلام.

     وجاءت المبادرة التي أطلقها الملك عبد الله في ظروف استثنائية في الأراضي الفلسطينية التي كانت تغلي والوضع الأمني يتدهور في كل يوم إلى الأسواء.

     والمبادرة جاءت على قدر الأمل المنوط بها فحملت في طياتها كل ما يمكن أن يحقق السلام فهي في الأساس مبادرة سلام شامل وعادل، مستمدة قوتها من وضوحها في أن تنسحب إسرائيل إلى حدود يونيو 1967م مقابل سلام مع كافة الدول العربية، وهذا السلام بالطبع مبني على قرارات الشرعية الدولية المتمثل في قراري مجلس الأمن 242 و 338 واللذين يطالبان بالانسحاب الإسرائيلي من كافة الأراضي العربية المحتلة والقرار رقم 194 والذي يطالب بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم كما تستند المبادرة إلى مرجعية مدريد التي تقر مبدأ الأرض مقابل السلام.

     هذا الطرح لم يخرج عن الشرعية الدولية وكذلك لم يخرج عن الثوابت العربية ولذلك أجمعت عليها كافة الدول العربية.

     وأيضًا مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله جاءت في وقت مناسب واعتبرت كمخرج من دوامة العنف الراهنة التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط بعدما ألصقت دوائر صهيونية الإرهاب بالإسلام أينما حدث عنف خصوصًا بعد أحداث (11 سبتمبر).

     فرأى مراقبون أنه بعدما مد الملك عبد الله مد غصن الزيتون إلى الإسرائيليين قد قلب الطاولة على حكومة شارون التي طالما ادعت أنها قابلة للسلام والفلسطينيون والعرب غير ذلك.

     وخلقت المبادرة حالة ديناميكية وسط المؤيدين للسلام، وتفاعلت وتجاوبت كافة الأوساط الإقليمية والدولية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبقية دول العالم.

القمة الثلاثية

     في منتصف عام 2002م عقد اجتماع تشاوري بين المملكة ومصر وسوريا في شرم الشيخ وتم خلال القمة بحث آلية التحرك العربي في إطار قمة بيروت التي نصت على اعتماد مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله مرجعية للسلام وانطلاقًا بالسير نحو تحقيق السلام.

     والملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس المصري حسني مبارك والرئيس السوري بشار الأسد استطاعوا أن يبلوروا موقفًا موحدًا إزاء قضية السلام.

     فأعادو الثقة في القدرة العربية بممارسة ضغوط على إسرائيل والتأثير على الموقف الأمريكي وتطويق سياسة شارون الدموية ووضعها على المحك. والتأكيد على التماسك بخيار السلام لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي.

قمة شرم الشيخ

     الدورة العادية للقمة العربية كان المفترض أن تعقد في البحرين.. وبعد مناقشات داخل العواصم العربية حول مكان ووقت انعقادها اتفق أن تحتضنها شرم الشيخ.

     كانت سنة 2003م على الأمة العربية من أصعب الأوقات التي واجهتها فبالإضافة إلى قرب توجيه ضربة عسكرية إلى نظام صدام من قبل الولايات المتحدة كان موضوع إصلاح الجامعة العربية يفرض نفسه بعد الضغوطات الدولية على المنطقة بالشروع نحو الإصلاح.

     في قمة شرم الشيخ قدمت عدة مقترحات لإصلاح ميثاق الجامعة وسبل دفع العمل العربي المشترك.

     خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز طرح فكرة الإصلاح تحت مسمى وثيقة العهد «ميثاق إصلاح الوضع العربي» بغرض مواجهة التحديات الراهنة على الساحة العربية والدولية.

     ودعا الملك عبد الله إلى تغيير جذري في الجامعة العربية لمواكبة المتغيرات العالمية وتحقيق القوة للأمة التي أصبحت في حالة من الوهن والضعف تتطلب السعي الحثيث نحو اتخاذ خطوات فاعلة للنهوض بالمستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي لكافة دول المنطقة العربية.

     وناشد الملك عبد الله بضرورة الإصلاح موضحًا أن الإصلاح السياسي يجب أن يأتي في الصدارة نظرًا لتأثيراته على كافة دول المنطقة وذلك من أجل مصلحة الشعوب.

     ولم تغب رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حول الإصلاح بتوسيع المشاركة الشعبية وإعلاء الديمقراطية بحيث تكون حصنًا حصينًا للبلدان العربية.

*  *  *

أهم زيارات خادم الحرمين الشريفين .. الملك عبد الله

للمدن والعواصم

     تبوأت المملكة العربية السعودية مكانة مرموقة في المحافل العالمية والأوساط الدولية.. باعتبارها من الدول التي ملكت مقومات على أكثر من صعيد فعلى ترابها يتواجد الحرمان الشريفان اللذان يعطيانها الثقل الإسلامي الأبرز.. فأضحت بذلك من أكبر المناصرين لقضايا المسلمين.

     وباعتبار المملكة من أكبر مصدري النفط عالميًا غدت واحدة من دول العالم الأكثر تأثيرًا في المنطقة والأوساط العالمية.

     ولأن المملكة تمتلك هذا الموقع المهم على الخارطة الدولية فقد استندت علاقاتها مع بقية دول العالم على سياسة راسخة ومبادئ واضحة مرتكزة على احترام سيادة الدول واستقلالها ووحدة أراضيها.. وعدم السماح لأي دول سواء كانت قريبة أو بعيدة بالتدخل في الشؤون الداخلية وكذلك احترام المواثيق والمعاهدات الدولية والسعي لحل كل ما ينشأ من منازعات بينها وبين الدول الأخرى بحلول سلمية.. وصولاً إلى تعزيز التعاون والتفاهم بين كل دول الأسرة الدولية لحفظ السلام والأمن الدوليين.

     والدبلوماسية السعودية شهدت بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز انطلاقة كبرى.. فقد تميزت بسجل حافل من الحكمة والوقار في جميع اتصالاتها بدول العالم وفي علاقاتها الخارجية وروابطها مع العالم.

     خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وضع المملكة في خدمة القضايا العربية وفي طليعتها قضية الشرق الأوسط. فتبنى عربيًا سياسة ثابتة ومبدئية مشددًا على ترسيخ التضامن العربي. فدعم الملك عبد الله دول المواجهة دعمًا غير محدود لتعزيز صمودها. فاتخذ إزاء القضية الفلسطينية موقفًا ثابتًا. وكانت قضية القدس شغله الشاغل وإصراره على ضرورة انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي المحتلة. حتى إنه أصدر مبادرته الشهيرة في هذا الإطار.  والتي أجمع عليها القادة العرب في قمة بيروت فباتت المبادرة مرجعية لكل آفاق السلام المنشود في المنطقة.

     أما خليجيًا اعتمد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز استراتيجية واضحة المعالم في أن يكون الخليج بحيرة أمن وسلام وأن تكون القضايا العربية في هذه المنطقة بيد أصحابها ومسؤوليتها مسؤولية عربية بحتة.

     فأسهم الملك عبد الله إسهامًا كبيرًا في توطيد دعائم مجلس التعاون لدول الخليج العربية لخدمة مصالح شعوبه المشتركة.

     وعلى الصعيد الدولي حرص خادم الحرمين الشريفين على أن تبقى المملكة بدورها المؤثر في السياسة الدولية وذلك بوفائها لتعهداتها وصداقاتها. وكذلك بإيمانها بمفاهيم السلام والمصالح المتبادلة وتحقيق السيادة والسلام والوقوف بجانب الحق والعدل دومًا.

     للمملكة دور بارز ورائد وتاريخي، وقيادة مؤثرة وفاعلة في قضايا العالمين العربي والإسلامي.. ووزن نافذ ومقدر في الوسط الدولي.. فعلاقات المملكة الخارجية مع الدول العربية والصديقة ممتازة وراسخة، لها امتداداتها وأبعادها الحضارية وجذورها الفكرية، التي ترفدها علىالدوام بما يثري تلك العلاقات ويعمقها أكثر وأكثر ولتحقيق المصالح المشتركة لكل الشعوب العربية سعى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عبر كل جهد لتطوير العلاقات العربية وتحقيق التضامن العربي، والعمل العربي المشترك لمواجهة كل التحديات التي تواجه الأمة العربية. وحاول الملك عبد الله تفعيل العلاقات من وقت لآخر. كلما اقتضت الضرورة والحق القضايا عبر ما يعرف بدبلوماسية «القمة» والزيارات المتبادلة، والقمم المصغرة لتطوير هذه العلاقات، وإعطائها دفعة قوية في سبيل وحدة الصف وتحقيق الإجماع العربي.

     وتأتي زيارات خادم الحرمين الشريفين إلى الدول العربية الشقيقة تأكيدًا لتلك المعاني. فالملك عبد الله بن عبد العزيز يحتل موقعًا خاصًا ومرموقًا في الساحة العربية والعالمية.

     وزيارات خادم الحرمين الشريفين إلى الدول العربية كثيرة ومتعددة ولكننا سنقف عند زياراته لبعض البلدان العربية والأجنبية لاستكشاف المواقف ومعرفة الأدوار التي قام بها.

سوريا في قلب الملك عبد الله

     سوريا، لها مكانة خاصة في قلب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. فهو يزورها باستمرار للتنسيق والتشاور ومواجهة المستجدات. فزيارات جلالته إلى دمشق ولقائه بالرئيس بشار الأسد والقادة السوريين تأتي دعمًا لخط الاستنهاض القومي الذي تدعو له المملكة وتبذل في سبيله كل الطاقات المتاحة، خاصة في الوقت الذي تصعد فيه إسرائيل عمليات الاستيطان الإسرائيلي وتوجه الضربات للشعب الفلسطيني. وهي تأكيد ومسعى لتوحيد العرب، وحشد الطاقات وتأكيد للثوابت القومية وأسس السلام العادل وهي تعبر عن مواقف المملكة إزاء شقيقاتها العربيات، وهي المواقف الهادفة إلى الوحدة فزيارات خادم الحرمين الشريفين المتعددة إلى سوريا كان لها تأثيراتها وإيجابياتها الطيبة باتجاه تصليب الموقف العربي.. وضمان وحدته على أسس الحق والمطالب العربية العادلة والتطلعات القومية، وحماية الوجود العربي ومصير ومستقبل الأمة.

المغرب محطة مهمة لخادم الحرمين

     تردد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على المغرب مرات عديدة. فكانت الزيارة الأولى في 24 جمادى الأول 1405هـ للمشاركة في مؤتمر القمة العربي الطارئ.

     كما قام الملك عبد الله بزيارة رسمية للمغرب حيث ترأس وفد المملكة إلى مؤتمرالقمة الإسلامي السابع في الدار البيضاء في 13 رجب 1415هـ، وهي تندرج في سبيل دعوة المملكة المستمرة في توحيد الصف العربي والإسلامي.

     وفي هذا الإطار ومبادرة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ثم إنشاء مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات والعلوم الإنسانية في المغرب، كصرح من صروح العلم والفكر.

     وقام جلالته بزيارات متعددة للمغرب والتقى خلالها الملك محمد السادس وبحث معه قضايا الشرق الأوسط والعالمين العربي والإسلامي والعلاقات الثنائية التي تهم البلدين.

يزور مصر .. في المنعطفات الخطرة التي تمر بالأمة

     في كل المراحل التي يمر بها العالم العربي بمنعطفات خطيرة، تكون مصر مقصد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وعندما تتعرض فيها قضايا العرب لتحديات تمس جوهرها، فمصر تكون أول الدول التي يزورها الملك عبد الله لتأكيد المواقف السعودية في دعمها لقضايا الأمة العربية، في صراعها ضد المطامع الإسرائيلية التوسعية، ولتثبيت الحق العربي.

     وزيارات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى مصر تأتي في ظروف بالغة الدقة والحساسية تمر معها الأمة العربية، ويتحدد على أساسها مصيرها خلال سنوات طويلة قادمة. أهمها تحديات السلام، ومحاولات إسرائيل التخلص من الاتفاقات الموقعة مع الفلسطينيين ثم التحدي الأكبر وهو مستقبل العلاقات العربية في ظل ظروف دولية، تفرض تنسيق الجهود على المستوى السياسي وتأكيد التضامن العربي في مواجهة تحديات العصر.

     وأتت زيارات خادم الحرمين الشريفين إلى مصر أما لحضور اجتماع القمة الثلاثي بشرم الشيخ مع الرئيس المصري حسني مبارك والرئيس السوري بشار الأسد أو الاجتماع بالرئيس المصري لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين.

لبنان .. زاره المليك كارفع مسؤول سعودي

     لعبت المملكة العربية السعودية دورًا كبيرًا في وقف نزيف الدم العربي في لبنان، ووقف مخاطر الحرب الأهلية التي دامت سنوات طوال. وتمكنت المملكة بدبلوماسيتها المعروفة والمقبولة من دعوة جميع أطراف الحرب الأهلية في لبنان إلى المملكة، وتوجت كل تلك الجهود باتفاق الطائف، الذي كان الأساس العملي والفعلي لمولد لبنان الجديد. ومنذ اندلاع الحرب كانت المملكة تتحرك دون كلل أو ملل.. لإطفاء نار الفتنة ورأب الصدع وكانت منحازة إلى لبنان الاوحد الموحد، لبنان السلام والاستقرار.

     ويجمع المراقبون أن المملكة قد لعبت أكبر الأدوار في سبيل إنجاح اتفاق الطائف، وفي تكريسه للواقع السياسي، وفي إعادة الاستقرار والأمان إلى لبنان. فزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للبنان وهو أرفع مسؤول سعودي يزور لبنان منذ زيارة الملك الراحل فيصل من العام 1971م، جاءت لتعكس اهتمام المملكة بلبنان وعودة الأمن والاستقرار له، وتعزيز مسيرة السلم في ربوعه، وترسيخ وحدته الوطنية وتحريره من الاحتلال الإسرائيلي.

     والزيارة التي قام بها الملك عبد الله لها مدلولاتها لتأكيد البقاء إلى جانب لبنان في مواقفه وكذلك تأكيد على الثوابت العربية في بذل المجهود الكبير لدعم نضال لبنان حكومة وشعبًا لتحرير الأرض في الجنوب والبقاع وأيضًا مباركة سعودية لإنجازات الوفاق الوطني.

     وفي 26 مارس 2002م قام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بزيارة لبنان للمشاركة في مؤتمر القمة العربية الرابعة عشرة حيث كانت المبادرة السعودية الموضوع الأساسي للقمة والتي عرفت باسم «قمة المبادرة التاريخية» حيث تنص على إقامة علاقات عادية مع (إسرائيل) مقابل انسحابها من كل الأراضي التي احتلتها عام 1967م، وقبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.

الملك عبد الله في المملكة المتحدة

     جاءت زيارات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى بريطانيا تكريسًا للعلاقات السعودية البريطانية الوثيقة والمتميزة بالتفاهم والتبادل التجاري.

     وقد التقى الملك عبد الله بن عبد العزيز خلال تلك الزيارة بالمملكة اليزابيث، التي اصطحبته إلى حفل سباق خيل (اسكوت) الشهير، وتحادث جلالته مع رئيسة الوزراء آنذاك السيدة مارجريت تاتشر.

     فزيارة الملك عبد الله إلى بريطانيا هي توطيد لتلك العلاقة، خاصة وأن ركائز العلاقة بين الدولتين تقوم على الاحترام المتبادل بمعنى أن البريطانيين أكثر تفهمًا وتقديرًا للسياسة السعودية ودورها في العالمين العربي والإسلامي، كما أن السعوديين يعرفون مدى أهمية الدور البريطاني في الساحة الدولية.

زيارته لإيرلندا..

     كانت إيرلندا المحطة الثانية في زيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز بعد بريطانيا عام 1404هـ، وهي لا تقل أهمية عن زيارته للندن، خصوصًا أنها الزيارة الأولى الشخصية سعودية كبرى إلى جمهورية إيرلندا وأهمية الزيارة نابعة من أن للإيرلنديين موقعًا إيجابيًا بشكل مستمر في دعم القضية الفلسطينية، كما أن إيرلندا رفعت حجم تجارتها مع الدول العربية، وخصوصًا دول الخليج العربية التي تنامت بشكل كبير.

زيارة الملك لتركيا

     وفي إطار زياراته العديدة لدول العالم أجرى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز خلال زيارته الرسمية لتركيا محادثات مع الرئيس التركي كنعان أفرين ورئيس الوزراء آنذاك تورغوت أوزال وقد تطرقت المحادثات إلى عدد من المواضيع الثنائية والإقليمية والدولية، وفي تلك الزيارة أكد الملك عبد الله على ضرورة العمل الإسلامي المشترك.

فرنسا.. وأربع زيارات للمك

     باريس فيها تشكل واكتمل إطار الحضارة الأوروبية وفي منتدياتها وصالوناتها تبرعمت وازدهرت، وأثمرت مذاهب أوروبا السياسية والاجتماعية والاقتصادية وأرسيت فيها أسس الديمقراطية الغربية.. كل ذلك شكل دور باريس وفرنسا الحضاري لا في أوروبا فقط بل في كافة أقطار العالم.

     اتسمت العلاقات السعودية – الفرنسية بوشائج قوية تقوم على مبدأ المصالح المشتركة والاحترام المتبادل أرسى دعائمها ذلك اللقاء التاريخي الذي جمع الملك فيصل والرئيس الفرنسي شارل ديجول في عام 1967م.

     وكانت زيارات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لفرنسا التي بدأها في يناير 1985م بمثابة حوار بين الشرق والغرب، بين الشرق المسلم والغرب المسيحي، وبحث مجالات التعاون والتفاهم بين الدولتين وبين الحضارتين فالمصالح المشتركة التي تربط بين العالم العربي وأوروبا واحدة.

     كما قام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بثلاث زيارات أخريات لفرنسا كان آخرها في 13 أبريل من العام الجاري، حيث أجرى محادثات مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك تركزت أساساً حول ملف الشرق الأوسط المتصل بالعملية السلمية ومفهوم الشراكة الاستراتيجية.

حوار صريح مع القيادة الأمريكية

     المملكة منفتحة في علاقاتها مع كل دول العالم، ووزنها السياسي والاقتصادي جعلها تقيم علاقات متينة مع الدول الكبرى وفق أسس تقوم على الندية، وتبادل المصالح المشتركة، فالعلاقات التجارية والاقتصادية أصبح لها أهميتها في عالم اليوم، والمملكة ترتبط بعلاقات استراتيجية ممتازة مع الولايات المتحدة الأمريكية تعود جذورها لأكثر من نصف قرن منذ اللقاء التاريخي الذي جمع بين الملك عبد العزيز والرئيس الأمريكي الأسبق فرانكلين روزفلت عام 1945م، وزيارات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى واشنطن تندرج تحت هذه الأبعاد والمعاني.

     ووجدت زياراته اهتمامًا كبيرًا على المستوى الرسمي والشعبي في الولايات المتحدة، نظرًا لما تحظى به المملكة من احترام دولي أساسه سلامة توجهها وإسهامها في تعزيز السلام والاستقرار الدولي.

     فعقد عـــدة اجتماعـــات مع الرئيس الأمـــريكي جورج دبليوم بوش لبحث الأوضــاع في منطقـــة الشـــرق الأوســط وفي مقــــدمتـــها القضية الفلسطينة والأراضي العربيــــة المحتـــلة ومــا يتعرض له شعب فلسطين من قتل وتدمير لمنشآته على أيدي القوات الإسرائيلية، وضرورة إيقاف سفك الدم الفلسطيني وإقامة دولة فلسطينية على ترابها الوطني وعاصمتها القدس.

     وقد نقل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز صورة واضحة للوضع المتردي في منطقة الشرق الأوسط ووجوب إيجاد وسيلة لإحلال السلام العادل والسلام في المنطقة.

     وعرض جلالته المبادرة العربيةلإحلال السلام التي أطلقها وأقرها وتبناها مؤتمر القمة العربي الذي عقد في بيروت.

آفاق جديدة نحو الصين..

     لقيت جولة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية التي زار فيها أهم دول الغرب والشرق ذات التأثير السياسي والاقتصادي العالم وهي: «بريطانيا، فرنسا، الولايات المتحدة، الصين، اليابان، كوريا الجنوبية وباكستان، اهتمامًا واسعًا على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والإعلامية في تلك الدول، ولقي جلالته حفاوة بالغة واهتمامًا كبيرًا يعكس المكانة المرموقة للمملكة وثقلها على الساحة الدولية.

     وفي بكين التي وصلها في 14/10/1998م، وهي المحطة الرابعة في جولته العالمية أجرى محادثات رسمية مع رئيس مجلس الدولة الصيني نشور دنفجي، الذي أشاد بالدور الريادي الذي تقوم به المملكة، فيما يقدر الشعب الصيني لجلالته هذه الزيارة التي تعد الزيارة الأولى لمسؤول سعودي كبير.

     وفي ختام زيارته إلى الصين عبر البلدان عن قلقهما الشديد إزاء المأزق المستمر لعملية السلام في الشرق الأوسط، وأعادا التأكيد على المبادئ والأسس التي استندت عليها عملية السلام خصوصًا مبدأ الارض مقابل السلام.

     وأعرب الجانبان عن ارتياحهما للاتجاه التصاعدي لحجم التبادل التجاري وضرورة زيادته والتوقيع على مذكرة تفاهم وأكدا على أهمية استقرار السوق البترولية للاقتصادي العالمي.

اليابان تعزيز الشراكة

     حظى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز باهتمام بالغ لدى زيارته إلى اليابان التي وصلهما في 21/10/1998م، وشهدت زيارته نشاطاً حافلاً ومكثفًا حرص اليابانيون على الاهتمام بالزائر الكبير رغم انشغالهم بمؤتمر عالمي تحضره (82) دولة و (40) من المنظمات الدولية.

     التقى الملك عبد الله بامبراطور اليابان اكهيتو وولي عهده الأمير نارو هيتو، وأجرى محادثات رسمية مع رئيس الوزراء الياباني كيزو ابونشي في قصر الكاساكا في طوكيو، ووقع على إعلان مشترك بشأن التعاون بين المملكة واليابان، وأكد الجانبان رغبتهما المشتركة في بناء علاقات اقتصادية واسعة النطاق من شأنها زيادة حجم التجارة والاستثمار بين البلدين.

وزار كوريا الجنوبية

     زار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في 23/10/1998م كوريا الجنوبية، وكانت هي المحطة السادسة في جولته العالمية، وأجرى مباحثات رسمية مع رئيس وزراء كوريا الجنوبية كيم جونج بيل، جرى خلالها تبادل بحث العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في المجالات الاقتصادية والتجارية، كما جرى استعراض الوضع في الشرق الأوسط ومختلف القضايا على الساحة العربية والدولية.

استقبال تاريخي لجلالته في باكستان

     استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لدى زيارته لباكستان في 25/10/1991م، استقبالاً تاريخيًا حافلاً.

     وعلى طول الطريق الذي سلكه موكب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من مطار لاهور إلى مقر إقامته كان هناك استقبال شعبي وجماهيري كبير تجسدت فيه مظاهر المحبة التي يكنها الشعب الباكستاني المسلم لخادم الحرمين الشريفين.

     وأجرى الملك عبد الله محادثات رسمية مع رئيس الوزراء الباكستاني آنذاك محمد نواز شريف تناولت سُبل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، وبحث قضايا السلام في الشرق الأوسط والوضع في أفغانستان والعلاقات الهندية الباكستانية لا سيما مسألة كشمير.

     واتفق الطرفان على أن إقامة الأمن والسلام في جنوب آسيا يتطلب عدم استخدام القوة في تسوية المنازعات.

     وفي 19/أكتوبر من العام 2003م زار خادم الحرمين الشريفين باكستان بعد ما حضر القمة الإسلامية في كوالالمبور وبحث مع الرئيس الباكستاني برويز مشرف سبل التعاون.

أذاب الجليد مع إيران..

     أسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لدى زيارته لجمهورية إيران الإسلامية في التاسع من شعبان 1418هـ للمشاركة في مؤتمر القمة الإسلامية الثامنة بالعاصمة الإيرانية طهران إسهامًا بارزًا في أعمال القمة، حيث شكل خطابه الذي ألقاه في المؤتمر أهم محاور ومداولات المؤتمر الرئيسية، واستعرض أهم القضايا والتحديات التي تواجه الأمة الإسلامية، ودعا قادة الدول الإسلامية إلى رأب الصدع وجمع شمل الأمة الإسلامية، وتعزيز التضامن الإسلامي بين الشعوب.

     وأجرى الملك عبد الله خلال زيارته لطهران محادثات مهمة مع الرئيس الإيراني محمد خاتمي والرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني، تناولت القضايا الثنائية بين البلدين وتطوير التعاون وسبل تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.

زيارته لروسيا .. بداية جديدة

     أنجز خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز خطوة مهمة على طريق تطوير العلاقات السعودية الروسية من خلال زيارته التاريخية المهمة إلى العاصمة الروسية موسكو التي وصفتها التعليقات الرسمية والإعلامية بأنها كانت زيارة ناجحة وفعالة في مختلف الاتجاهات التعاونية سياسيًا واقتصاديًا، يمكن القول بكل ثقة أن الزيارة الناجحة التي قام بها الملك عبد الله إلى موسكو والمباحثات الفنية متعددة الجوانب التي أجراها مع الرئيس الروسي وكبار السمؤولين الروس تركت أثرًا كبيرًا، فأكد الجانبان السعودي والروسي على التفاهم والتنسيق المتبادل.

زيارته إلى النمسا

     حظيت الزيارة التاريخية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى النمسا خلال الفترة من 31 مارس إلى 12 أبريل باهتمام رسمي وشعبي بالغ.

     فقد حققت الزيارة نتائج مثمرة ومباشرة كما أنها تركت آثارًا إيجابية بعيدة المدى.

وزار ألمانيا

     كان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يحمل مسؤولية وضع المملكة في مركز متقدم على الصعيد الدولي وخصوصًا في إقامتها علاقات مع دول صناعية كبرى فزار الملك عبد الله ألمانيا وبحث مع المستشار الألماني سبل دفع العلاقات الثنائية وتباحث معه عن الوضع في الشرق الأوسط وسبل دفع عملية السلام.

*  *  *

مبادرة الملك عبد الله للسلام

     مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة المعقود في دورته العادية الرابعة عشرة : - إذ يؤكد ما أقره مؤتمر القمة العربي غير العادي في القاهرة في يونيو 1996 من أن السلام العادل والشامل خيار استراتيجي للدول العربية يتحقق في ظل الشرعية الدولية، ويستوجب التزامًا مقابلاً تؤكده إسرائيل في هذا الصدد.

     - وبعد أن استمع إلى كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز «كان حينها وليًا للعهد» التي أعلن من خلالها مبادرته داعيًا إلى انسحاب إسرائيل الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ 1967، تنفيذًا لقراري مجلس الأمن 242 و 338 اللذين عززتهما قرارات مؤتمر مدريد عام 1991 ومبدأ الأرض مقابل السلام وإلى قبولها قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وذلك في مقابل قيام الدول العربية بإنشاء علاقات طبيعية في إطار سلام شامل مع إسرائيل.

     - وانطلاقًا من اقتناع الدول العربية بأن الحل العسكري للنزاع لم يحقق السلام أو الأمن لأي من الأطراف.

     ويطلب المجلس من إسرائيل إعادة النظر في سياستها وأن تجنح للسلم معلنة أن السلام العادل هو خيارها الاستراتيجي أيضًا.

     كما طالب القيام بما يأتي:

     - الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك الجولان السوري وحتى خط الرابع مع حزيران (يونيو) 1967، والأراضي التي ما زالت محتلة من جنوب لبنان.

     - التوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه وفقًا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الرقم 194.

     - قبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من حزيران 1976 في الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية.

     عندئذ تقوم الدول العربية بما يأتي:

     - اعتبار النزاع العربي – الإسرائيلي منتهيًا والدخول في اتفاق سلام بينها وبين إسرائيل مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة.

     - إنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار هذا السلام الشامل.

     - ضمان رفض كل أشكال التوطين الفلسطيني الذي يتنافى والوضع الخاص في البلدان العربية المضيفة.

     - يدعو المجلس حكومة إسرائيل والإسرائيليين جميعًا إلى قبول هذه المبادرة المبينة أعلاه حماية لفرص السلام وحقنًا للدماء. بما يمكن الدول العربية وإسرائيل من العيش في سلام جنبًا إلى جنب، ويوفر للأجيال القادمة مستقبلاً آمنًا يسوده الرخاء والاستقرار.

     - يدعو المجلس المجتمع الدولي بكمل دوله ومنظماته إلى دعم هذه المبادرة.

     - يطلب المجلس من رئاسته تشكيل لجنة خاصة من عدد من الدول الأعضاء المعنية والأمين العام لإجراء الاتصالات اللازمة لهذه المبادرة والعمل على تأكيد دعمها على المستويات كافة وفي مقدمتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن والولايات المتحدة والاتحاد الروسي والدول الإسلامية والاتحاد الأوروبي.

 

*  *  *

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . شعبان – شوال 1426هـ = سبتمبر – نوفمبر 2005م ، العـدد : 8–10 ، السنـة : 29.